الجمعة، 10 أبريل 2020

كشف البهتان في طعن "أبي رغال" بنَسَب ابن قَصّان البكري السُلطان


كشف البهتان في طعن "أبي رغال" بنَسَب ابن قَصّان البكري السُلطان
----------------------
روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراًأو ليصمت). وروي عن الصديق أبي بكر رضي الله عنه،أنه قال: "البلاء موكل بالمنطق".فكل ما ينطق به المرء يكشف حقيقته و مدى فهمه وتفكيره .
وإن مما ابتُلِيَت به ساحة علم التاريخ والأنساب ظهور بعض ممن
يدعون العلم؛ ممن تحصّلوا على شهادات لا تساوى المداد الذي
كُتبَت به. قال الخليل بن أحمد: "الرجال أربعة، رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فاتبعوه، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك نائم فأيقظوه، ورجل لا يدري ويدري أنه لا يدري فذلك مسترشد فأرشدوه، ورجل لا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه".


خرج علينا "حازم زكي بكري" بفيديو تضمن رداً – كما يتوهم - على مقالٍ نُشر في جريدة
الإندبندنت البريطانية بالعربية. والذي تناول علاقة القرن الأفريقي بصعيد مصر، والذي حمل عنوان: (القرن الأفريقي والصعيد… هجرات وقرابة ...عائلات تشترك في النسب والمسار التاريخي)، بقلم الكاتب والصحفي الصومالي/ محمود محمد حسن عبدي.
وفي ذلك المقال تناول الكاتب العلاقة القديمة بين الصعيد المصري ودول القرن الأفريقي وخاصة الصومال وقد نقل الكاتب عن الباحث:أحمد عبد النبي الدعباسي القصاصي البكري؛ معلومات تاريخية مهمة تخص قبيلة بني قَصّة البكريين، الذين تواجدوا في مقديشو "عاصمة الصومال" قديماً.
فذكر– الدعباسي -أن مِن أقدم مَن تسلطن بعد دخول الإسلام والعرب هناك، كان الشيخ (أبوبكر فخر الدين ابن قَصَّان)، وذلك عام 1100 م / الموافق 493 هـ، ويعود نسب هذا السلطان إلى قبيلة قصاص (بنو قَصّة) البكريين، والذين استوطنوا الصعيد في بلاد البهنساء و بلاد الأشمونين، التي عُرِفَت عند المؤرخين ببلاد قريش.
وقد انتشر بنو قصّة الطلحيين البكريين جنوباً وغرباً وشرقاً، فكانوا أكثر ذرية الصديق– رضي الله عنه – انتشاراً،حسب وصف علماء التاريخ والأنساب.
إلّا أن مُدّعي العلم:"حازم البكري" في خلال انتقاده لهذه المعلومات عبر الفيديو الذي قام بنشره على صفحته على الفيس بوك، ادّعى أن الدعباسي استشهد بما يدينه، وينفي نسبه عن البكريين، ويجعلهم من البربر. حيث أن السلطان أبو بكر بن فخر الدين ابن قَصّان– حسب زعم حازم - من البرابرة ! (انظر صورة 1 : وفيها نص كلام حازم)



وهو بحسب ما فهمه المدعو/ حازم زكي بكري،مما نقله عن كتاب "التأثير الحضاري الإسلامي في شرق أفريقيا من القرن الخامس الهجري حتى السابع" تأليف الدكتور محمد علي عمر الخويلدي.
والطامة الكبرى أن هذا الرجل –حازم - والذي يدّعي أنه عالم ومحقق في الأنساب، حتى أنه وصف نفسه بأنه:(وريث الصديق أبي بكر في علم الأنساب). هذا الشخص لم يعرف حتى قراءة النص جيداً!
فالكاتب "د.محمد علي عمر" ذَكر سلطنة الشيخ (أبو بكر بن فخر الدين القَصّي) والتي كانت كما قلنا سنة 1100م / 495 هـ، في معرض كلامه عن مملكة هرر بالقرن الأفريقي، ثم انتقل إلى ماذكره الرحالة الشهير "ابن بطوطة"، من مشاهد في رحلته الشهيرة. حيث زار مقديشو، والساحل الأفريقي، ووصف السلطان هناك بأن اسمه:(أبو بكر بن الشيخ عمر، وهو في الأصل من البرابرة ويتكلم بلسان مقديشي ويعرف العربية).
وأما ابن بطوطة فهو من أهل القرن الثامن الهجري، حيث بدأت رحلته الشهيرة في عام 725هـ، وانتهت في سنة 752 هـ. فهذا السلطان الذي قابله هناك والذي هو من أهل القرن الأفريقي، ويتكلم بلسان أفريقي، وله دراية باللسان العربي، واسمه "أبو بكر بن الشيخ عمر" :( لا علاقة له بالسلطان الشيخ أبو بكر بن فخر الدين ابن قَصّان البكري، الذي عاش في القرن الخامس والسادس الهجري، حيث تولى السلطنة في عام 495 هـ، و ظل فيها لمدة 17 عاماً).
فذلك شخص و هذا شخص اخر في زمنين مختلفين يفصل بينهما ثلاثمائة عام ( القرن الخامس الهجري و القرن الثامن الهجري).
وهنا يظهر أن المدعو / "حازم" عَجَز عن قراءة النصوص التاريخية والتفرقة بين الفترات الزمنية وبين الشخصيات التاريخية .
فالكتاب والنص اللذان استشهد بهما دليلاإدانةعليه، وليسا حجة له. (صورة 2)


وإليكم صورة النص الذي استشهد به "حازم": (صورة 3 و4)



صورة3



صورة 4



وأما الخطأ الثاني الذي وقع فيه حازم فهو:
------------------------------------
جهله بالإثنيات العرقية، واختلافات الأجناس. فالسلطان (أبو بكر بن الشيخ عمر) والذي وصفه ابن بطوطة بأنه من البرابرة،أي مِن الزنوج، والذي يتكلم بلغة مقديشو، وهو ليس من قبائل البربر العريقة التي وجدت في بلاد المغرب وخاصة أن ابن بطوطة من بلاد المغرب، والذي ينتمي لقبيلة لواتة،احدى قبائل البربر الكريمة.
وأما كلمة (البرابرة): فحسب ما جاء في المعجمأنها كانت تُطلق في
الماضي على سكّان بلدان البَرْبَر في شمال إفريقية (الأمازيغ)،
ويُطلق هذا الاسم الآن على الزنوج

وكما يتضح من سياق كلام ابن بطوطة أن هذا السلطان رجل من الزنوج الأفارقة. فأي جهل وعدم دراية هذه يا حازم؟ حتى قراءة النص التاريخي الذي يستشهد به لم يَعرف أن يُفرِّق فيه بين الشخصيات والأزمنة التاريخية، ولا بين الإثنيات العرقية.

فأي باحث هذا؟إن أمثاله لعار على هذا العلم الشريف.

الجمعة، 21 ديسمبر 2018

الفاظ و مصطلحات من العصر المملوكي في حياتنا المصرية اليومية

الفاظ و مصطلحات من العصر المملوكي  في حياتنا المصرية اليومية 

كانت مصر و لا زالت بوتقة جامعة لكثير من الحضارات القديمة و الحديثة و قد تاثر المجتمع المصري  عبر التاريخ و أثر في جميع الاعراق التي سكنت أرض وادي النيل و من الفترات التي عاشتها المجتمع المصري بعد الفتح الاسلامي لها فترة حكم المماليك و ذلك بعد نهاية الدولة الايوبية  التي قامت في مصر خِلال أواخر العصر العباسي الثالث ، وامتدَّت حُدُودها لاحقًا لِتشمل الشَّام والحجاز، ودام مُلكُها مُنذُ سُقُوط الدولة الأيوبيَّة سنة 648هـ المُوافقة لِسنة 1250م، حتَّى بلغت الدولة العُثمانيَّة ذُروة قُوَّتها وضمَّ السُلطان سليم الأوَّل الديار الشَّاميَّة والمصريَّة إلى دولته بعد هزيمة المماليك في معركة الريدانيَّة سنة 923هـ المُوافقة لِسنة 1517م.
حكم المماليك البحريَّة من سنة648 هـ  المُوافقة لِسنة 1250م إلى سنة 784هـ المُوافقة لِسنة1382هـ، وكان أكثرهُم من الترك و المغول. 
وحكم المماليك البُرجيَّة من سنة784هـ المُوافقة لِسنة 1382م إلى سنة923هـ المُوافقة لِسنة 1517م ، وكانوا من الشركس .
والمماليك أُصُولهم رقيقٌ مُحاربين، استقدمهم  الخلفاء العباسيين الأوائل من تركستان و القوقاز وغيرها وجعلوهم حُرَّاسًا لهم وقادةً لِجُيُوش المُسلمين، وقد ازداد نُفُوذ المماليك بِمُرور الزمن حتَّى أصبحوا يُهيمنون على الخِلافة وعلى مركز صناعة القرار، مُستفيدين من ضِعف الخُلفاء وتراجُع نُفوذهم و كان اول من تسلطن منهم هو السلطان عز الدين ايبك التركماني .
و من الامور التي لازالت موجودة في المجتمع اليوم : الالفاظ و المصطلحات التي شاعت وقتها ولازالت  في الحياة المصرية اليوم :

من هذه الالفاظ و المصطلحات : 
أبازة : قبيلة من جنوب قفقاسيا على البحر الاسود من غير الجركس عرقا و لسانا و لكنها تنتمى اليهم باعتبار قفقاسيتهم و يعرف افرادها بمصر اليوم باسم أباظة.
أرناؤوط : الالباني الجنسية .
الاستدعاء : هو ان يطلب رجل من عالم ان يجيزه مع عدد من الناس فيكتب لهم اجازة و يذكر اسماءهم و قد صارت اليوم تطلق على العرائض التي تقدم الى الدوائر الحكومية لطلب امر من الامور العامة .
أسطا = أستا : و هو المعلم البارع الذي وقف على صناعة ما و اشتهر بها كما تعني الملعلم او استاذ الصناعة و رئيسها .
مسلماني : الداخل في دين الاسلم حديثا .
الاغا : كلمة تركية و تعني الاخ الكبير و تطلق على صغار الضباط و احيانا على كبارهم و تاتي بمعنى السيد و الامر و رئيس الخدم و الاتباع .
الغز : قبائل بدائية هاجمت ايران و قتلت كثيرا من اهلها قبل هجوم التتار، اصولها من الاتراك غير المسلمين .
الاقليم : منطقة ادارية .
الالاجة : لفظ تركي و يعني الشيء الملون بالوان كثيرة و هو غطاء الطاولة او سرير من قصاصات الحرير تخاط مع بعضها البعض كان يصنع في جهات مختلفة من بلاد الاناضول و الشام .
الاورطة: لفظ تركي اصله أورته بمعنى الوسط او المتوسط و هو اصطلاح يطلق في الجيش الانكشاري بمعنى الطابور اي فئة من الجند.
البازار : من الفارسية بمعنى السوق و عقد الصفقات التجارية ثم اطلقت على الاسواق عامة .
باش : بمعنى الرئيس و الجمع باشات .
البخت : لفظ فارسي الاصل و يعني الحظ و النصيب.
البرمة: و عاء من الفخار يوضع على النار كالقدر او الجرة و مازال مستعملا بنفس المعنى في الصعيد و الجزيرة العربية و بلاد المغرب.
البقسماط : خبز جاف يتزود به المسافر مثل الكعك .
التربة: مكان دفن الموتى او المدفن الخاص الذي يعلوه قبة عظيمة.
تريكي: الصحيح ترياكي و هو من اللفظ العربي ترياقي و معناه صانع الترياق ثم صار يطلق على المولع بالقهوة او الشاي او الدخان او غير ذلك.
التليس: هو الكيس الذي يستعمل لتعبئة الغلال و الاتبان .
الجندارية : لفظ فارسي في الاصل شاع في العصر المملوكي و تعني فئة المماليك تتبع السلطان او الامير.الجورة : هي الحفرة و الجمع جور اي حفر و هي ما انخفض من الارض.
الخربشة : الكتابة الغير واضحة لانها كتبت بخط سيء او الخطوط الفوضى على ورقة .
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المراجع :
معجم الالفاظ التاريخية في العصر المملوكي
محمد احمد دهمان 



معارك الصعيد مع نابليون بونابرت و الحملة الفرنسية على مصر الحلقة 1


معارك الصعيد مع نابليون بونابرت و الحملة الفرنسية على مصر الحلقة 1




الصعيد او صعيد مصر
هي تلك البقعة من أرض مصر و التي تمتد من أسوان و حتى الجيزة و التي تنقسم الى ثلاث مناطق : الصعيد الادنى و الصعيد الاوسط و الصعيد الاعلى .
و يعتبر الصعيد منطقة استوطنها اعتى القبائل العربية منذ الفتح الاسلامي لمصر سنة 641م بقيادة عمرو بن العاص  زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب –و بعد فتح الصعيد و دخول القبائل العربية مصر و توزعها فيها ظل توافد العرب الى مصر مستمرا لم ينقطع و في القرن السابع الهجري  كان الصعيد مقسما بين عدة قبائل عربية كبيرة ذكرها بن فضل الله العمري نقلا عن المهمندار الحمداني في كتابه مسالك الابصار في ممالك الانصار  فذكر عرب الصعيد في زمانه و اماكنهم في الصعيد بدء من الصعيد الاعلى من أسوان و حتى الصعيد الادني بالفيوم  فقال
: أولهم بنو هلال ولهم بلاد أسوان وما تحتها، ثم بليّ ولهم بلاد إخميم  وما تحتها، و جهينة ولهم بلاد منفلوط و أسيوط، ثم قريش ولهم بلاد الأشمونين  ثم بنو كلاب ولهم بلاد الفيّوم  قال: وهؤلاء القبائل المشهورة في الصعيد، ثم ذكر جملا من أحوالهم، وذكر ايضا من جملة العرب القاطنين في الصعيد قوم من قبيلة لخم سكنهم بالبرّ الشرقي  و قد فصل الحمداني بطون كل قبيلة موجودة في مكانها فالصعيد فعد بطون قريش التي في بلاد الاشمونيين و منهم الجعافرة وهم من الزّيانبة ذرية جعفر بن ابي طالب - وبجرجة منفلوط قوم من بني الحسن بن عليّ وفي سيوط أناس من أولاد إسماعيل بن جعفر الصادق يعرفون بأولاد الشريف قاسم. و ايضا من قريش  البكريون و هم بنو طلحة ، وبنو الزّبير، وبنو شيبة، وبنو مخزوم، وبنو أمية، وبنو زهرة، وبنو سهم، ومن موالي بني هاشم بنو منحر  وهم بنو قنبر مولى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
و لم تتوقف الهجرات العربية سواء من الحجاز او بلاد المغرب الى صعيد مصر حتى عهد الحملة الفرنسية... لاستكمال الموضوع شاهد الفيديو 
https://www.youtube.com/watch?v=J5XLx0CGR6M&t=70s

الجمعة، 28 سبتمبر 2018

الجهمية


الجهمية

الجهمية إحدى الفرق الكلامية التي تنتسب إلى الإسلام، وهي ذات مفاهيم وآراء عقدية خاطئة في مفهوم الإيمان وفي صفات الله تعالى وأسمائه، وترجع في نسبتها إلى مؤسسها الجهم بن صفوان(1) الترمذي (2)، الذي كان له ولأتباعه في فترة من الفترات شأن وقوة في الدولة الإسلامية حيناً من الدهر، وقد عتوا واستكبروا واضطهدوا المخالفين لهم حينما تمكنوا منهم، ثم أدال الله عليهم فلقوا نفس المصير الذي حل بغيرهم على أيديهم. سنة الله في خلقه ولن تجد لسنته تبديلاً.
ولقد كان هؤلاء الجهمية العقبة الكؤود في طريق العقيدة السلفية النقية وانتشارها؛ حيث صرفوا علماء السلف عن نشرها بما وضعوا أمامهم من عراقيل شغلتهم وأخذت الحيز الأكبر من أوقاتهم في رد شبهات الجهمية ومجادلاتهم لهم وخصامهم معهم، وكانت العاقبة الحسنة - ولا تزال - لأهل السنة والجماعة ولله الحمد.
والجهمية ينسبون إلى جهم بن صفوان الترمذي وكان عالما فقيها، ينسب إلى الحنفية في الفقه، ولكنه لشدة اعتنائه بالرأي كان يناظر ويكثر من المناظرة حتى ناظر طائفة من دهرية الهند، الدهرية بضم الدال ينسبون إلى القول بالدهر وما يهلكنا إلا الدهر [الجاثية:28]، ينسب إلى الدهر، دهري بضم الدال على غير اعتياد كما قاله المرتضى في كتاب (تاج العروس) وقاله غيره.
وهؤلاء الدهرية الذين ناظرهم الجهم يقال لهم الدهرية السمنية (3) و قد ناظرهم في الصفات لأنهم لا يؤمنون بوجود الله أصلا ويريد أن يقنعهم بوجود الله، فجرى منه معهم مناظرة ذكرتها لكم في مكان آخر، فآل به الأمر، نتيجة المناظرة وتوابعها وما حصل -وقد ذكر أصل القصة البخاري في خلق أفعال العباد-، نتج عن ذلك أنه نفى الصفات وعطل الرب - عز وجل - من صفاته وآمن بالوجود المطلق.
نشأة الجهمية
------------
قامت أفكار الجهم بن صفوان على البدع الكلامية والآراء المخالفة لحقيقة العقيدة السلفية متأثراً بشتى الاتجاهات الفكرية الباطلة.
وكانت نقطة الانتشار لهذه الطائفة بلدة ترمذ التي ينتسب إليها الجهم، ومنها انتشرت في بقية خراسان، ثم تطورت فيما بعد وانتشرت بين العامة والخاصة، ووجد لها رجال يدافعون عنها، وظهرت لها مؤلفات وتغلغلت إلى عقول كثير من الناس على مختلف الطبقات. وقد ذكر شيخ الإسلام درجات الجهمية ومدى تأثر الناس بهم، وقسمهم إلى ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: وهم الجهمية الغالية النافون لأسماء الله وصفاته، وإن سموه بشيء من الأسماء الحسنى قالوا: هو مجاز.
الدرجة الثانية من الجهمية: وهم المعتزلة ونحوهم، الذين يقرون بأسماء الله الحسنى في الجملة لكن ينفون صفاته.
الدرجة الثالثة: وهم قسم من الصفاتية المثبتون المخالفون للجهمية، ولكن فيهم نوع من التجهم، وهم الذين يقرون بأسماء الله وصفاته في الجملة ولكنهم يريدون طائفة من الأسماء، والصفات الخبرية وغير الخبرية ويؤولونها.
ومنهم من يقر بصفاته الخبرية الواردة في القرآن دون الحديث كما عليه كثير من أهل الكلام والفقه، وطائفة من أهل الحديث. ومنهم من يقر بالصفات الواردة في الأخبار أيضاً في الجملة، لكن مع نفي وتعطيل لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول، وذلك كأبي محمد بن كلاب ومن اتبعه.


ذكر أهم عقائد الجهمية:
---------------------
للجهمية آراء وعقائد كثيرة، ومن أهم تلك الآراء للجهم ما يلي:
1 - مذهبهم في التوحيد: هو إنكار جميع الأسماء والصفات لله عز وجل ويجعلون أسماء الله من باب المجاز.
لقد أقدم الجهمية على نفي الأسماء والصفات بمزاعم من أهمها:
ا- أن إثبات الصفات يقتضي أن يكون الله جسماً؛ لأن الصفات لا تقوم إلا بالأجسام، لأنها أعراض والأعراض لا تقوم بنفسها.
ب - إرادة تنزيه الله تعالى.
ج - أن وصف الله تعالى بتلك الصفات التي ذكرت في كتابه الكريم أو في سنة نبيه العظيم يقتضي مشابهة الله بخلقه، فينبغي نفي كل صفة نسبت إلى الله تعالى وتوجد كذلك في المخلوقات لئلا يؤدي إلى تشبيه الله - بزعمهم - بمخلوقاته التي تحمل اسم تلك الصفات.
2-القول بالجبر
الجبر- بفتح الجيم وسكون الباء- فمعناه إسناد ما يفعله الشخص من أعمال إلى الله عز وجل، وأن العبد لا قدرة له البتة على الفعل، وإنما هو مجبور على فعله، وحركته في الفعل بمثابة حركة النباتات والجمادات، ومن هنا فإنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة؛ لأن العبد مجبور على فعله لا حول له ولا قوة.
3 - إنكار كثير من أمور اليوم الآخر مثل: الصراط، الميزان، رؤية الله تعالى، عذاب القبر، القول بفناء الجنة والنار.
قول نفاة الجهمية أنه لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة.
4 - ومنها نفي أن يكون الله متكلماً بكلام يليق بجلاله
5 - وأن الإيمان هو المعرفة بالله.
فالفرقة الأولى منهم يزعمون أن الإيمان بالله هو المعرفة بالله وبرسله وبجميع ما جاء من عند الله فقط وأن ما سوى المعرفة من الإقرار باللسان والخضوع بالقلب والمحبة لله ولرسوله والتعظيم لهما والخوف منهما والعمل بالجوارح فليس بإيمان وزعموا أن الكفر بالله هو الجهل به وهذا قول يحكى عن جهم بن صفوان وزعمت الجهمية أن الإنسان إذا أتى بالمعرفة ثم جحد بلسانه أنه لا يكفر بجحده وأن الإيمان لا يتبعض ولا يتفاضل أهله فيه وأن الإيمان والكفر لا يكونان إلا في القلب دون غيره من الجوارح
6 - نفي أن يكون الله تعالى في جهة العلو.
قال جرير بن عبد الحميد: كلام الجهمية أوله شهد وآخره سم، وإنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء إله. رواه ابن أبي حاتم ورواه هو وغيره بأسانيد ثابتة عن عبد الرحمن بن مهدي قال: إن الجهمية أرادوا أن ينفوا أن يكون الله كلم موسى بن عمران، وأن يكون على العرش، أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم.
وقال يزيد بن هارون: من زعم أن الله على العرش استوى بخلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي.
وقال سعيد بن عامر الضبعي - وذكر عنده الجهمية فقال - هم شر قول من اليهود والنصارى، قد أجمع أهل الأديان مع المسلمين أن الله على العرش وقالوا هم: ليس عليه شيء.
و لم تنتهي مقالات الجهمية فمازلت مقالتهم تنضح بها عقائد بعض الفرق الاسلامية التي تلقفتها منهم الى يومنا هذا .

--------------------------------
المراجع : 
- موسعة الفرق النتسبة للاسلام - الدرر السنية
(1) الجهم بن صفوان : هو أبو محرز، الجهم بن صفوان الترمذي، من موالي بني راسب ويعود اصله إلى مدينة في ترمذ والتي تقع حاليا في اوزباكستان على الحدود الأفغانية (احدى قبائل الأذر)، ولد ونشأ في الكوفة. كان حاد الذكاء قوي الحجة ذا دأب ووفطنة وفكر وجدال ومراء، صحب الجعد بن درهم بعد قدومه إلى الكوفة وتأثر بتعاليمه، وبعد مقتل الجعد عام 105 هـ حمل لواء (المعطلة) من بعده إلى أن نفي إلى ترمذ في خراسان.
(2) ترمـذ : مدينة مشهورة في جنوب اوزبكستان من امهات المدن تقع على الضفة الشرقية لنهر جيحون .
(3)السمنية : فرقة بالهند دهرية تقول بالتناسخ و تنكر وقوع العلم بالاخبار زاعمين انه لا طريق للعلم سوى الحس ، قيل : هي نسبة الى سومنات : بلدة بالهند .

الخميس، 27 سبتمبر 2018

القول الجلي في اتصال شرف بنو تيم و بنو عدي

القول الجلي في إتصال شرف بنو تيم و بنو عدي 

بسم الله و الصلاة و السلام على خير خلق الله سيدنا محمد و على اله الطيبين الطاهرين و على اصحابه الغر الميامين و نخص بالذكر منهم سادتنا ابو بكر و عمر و عثمان و علي و على من سار على نهجهم و اقتفى اثرهم الى يوم الدين .
أما بعد ،،،،

فان الله قد اصطفى قريشا من كنانة و اصطفى بني هاشم من قريش و اصطفى محمدا صلى الله عليه و اله و سلم من بني هاشم ، فقد روى الامام مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى عَمَّارٍ شَدَّادٍ أَنَّهُ سَمِعَ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشاً مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِى هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ)(1) .



فذؤابة قريش بنو هاشم و ذؤابة العرب قريشا قبيلة رسول الله صلى الله عليه و سلم و كفى قريشا شرفا ان جعل منها سيد ولد ادم محمدا صلى الله عليه و اله و سلم . 
هذا و قد انقسمت قريش الى قسمين قريش البطاح و قريش الظواهر، ففي( المنمق في اخبار قريش) لابن حبيب ".. و أدخل قصي بن كلاب بطون قريش كلها الأبطح إلا محارب بن فهر والحارث بن فهر وتيم الأدرم بن غالب ومعيص بن عامر بن لؤي وهؤلاء يدعون الظواهر، فأقاموا بظهر مكة، إلا أن رهطا من بني الحارث بن فهر نزلوا الأبطح وهم رهط أبي عبيدة بن الجراح فهم معهم"(2) فهؤلاء قريش الظواهر أي الذين سكنوا أعالي مكة و لم يدخلهم قصي بن كلاب بطاح مكة .
فبنو تيم قوم صاحب رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم: أبو بكر الصديق و بنو عدى قوم الفاروق عمر رضي الله عن الجميع من بطون قريش البطاح التي سكنت أبطح مكة و التي حازت الشرف قبل الاسلام و اتصل بها هذا الشرف بعد الاسلام ، فقد روى بن عساكر في
( تاريخ دمشق ) عن معروف بن خربوذ قال : من انتهى إليه الشرف من قريش فوصله الإسلام عشرة نفر , من عشرة أبطن : من هاشم , وأمية , ونوفل , وأسد , وعبد الدار , وتيم , ومخزوم , وعدي , وسهم , وجمح.
فمن هاشم : العباس بن عبد المطلب , كان قد سقى في الجاهلية الحجيج , وبقي له في الإسلام , ومن بني أمية : أبو سفيان بن حرب , ومن بني نوفل , الحارث بن عامر , قال الزبير : غلط في الحارث بن عامر , ومن بني عبد الدار , عثمان بن أبي طلحة , ومن بني تيم : أبو بكر الصديق , ومن بني أسد : يزيد بن زمعة , ومن بني مخزوم : خالد بن الوليد بن المغيرة , ومن بني عدي : عمر بن الخطاب , ومن بني سهم : الحارث بن قيس , ومن بني جمح : صفوان بن أمية.
قال ابن خربوذ : صارت مكارم قريش في الجاهلية إلى هؤلاء العشرة , فأدركهم الإسلام فوصل ذلك بهم , فكذلك كل من عرف في الجاهلية أدركه الإسلام فوصله , فكانت سقاية الحاج , وعمارة المسجد الحرام , وحلول الثعر , فإن قريشا لم تكن تملك عليها في الجاهلية أحدا , فإذا كانت حرب أقرعوا بين أهل الرياسة من الذكور , فإذا حضرت الحرب أجلسوه لا يبالون صغيرا كان أم كبيرا أجلسوه تيمنا به , فلما كان يوم الفجار أقرعوا بين بني هاشم , فخرج سهم العباس وهو غلام , فإذا جاء أبو طالب هزمت قيس , وإذا لم يجيء هزمت كنانة , فقالوا : لا أبا لك لا تغب.
وأما عمارة المسجد فإنها والسقاية كانت للعباس بن عبد المطلب , فأما السقاية فإنها معروفة , وأما العمارة فإنهم لا يدع أحدا يستب في المسجد الحرام , ولا يقول فيه هجرا يحملهم على عمارته بالخير , لا يستطيعون لذلك امتناعا , لأنه قد أجمع ملأ قريش على ذلك فهم له أعوان , وكانت العقاب عند أبي سفيان راية الرئيس , وكانت العقاب إذا كانت عند رجل أخرجها إذا حمشت الحرب , قال : أجمعت قريش علي أعطوه إياه , وإن لم يجمعوا على أحد رأسوا صاحبها.
وكانت الرفادة إلى الحارث بن عامر بن نوفل , والرفادة ما كنت تخرج قريش من أموالها في رفد منقطع الحاج , وكانت المشورة إلى يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد , وقتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف , والمشورة أن قريشا لم يجمعوا على أمر إلا عرضوه عليه , فإن وافق رأيهم رأيه سكت وإلا شغب فيه , فكانوا له إخوانا حتى يرجعوا عنه , وكانت سدانة البيت , واللواء إلى عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى , والسدانة الخزانة مع الحجابة , وكانت الأشناق إلى أبي بكر الصديق , والأشناق الديات , كان إذا حمل شيئا فسأل فيه قريشا صدقوه , وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه أبو بكر , فإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.
وكانت القبة والأعنة إلى خالد بن الوليد , فأما الأعنة فإنه كان يكون على خيول قريش في الجاهلية في الحروب , وأما القبة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهزون به الجيوش.

وكانت السفارة إلى عمر بن الخطاب , إن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيرا , وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر بعثوه منافرا ومفاخرا ورضوا به , وكانت الحكومة والأموال المحجرة إلى الحارث بن قيس بن عدي , والأموال التي يغنموا لآلهتهم , وكانت الأيسار إلى صفوان بن أمية , والأيسار الأزلام , وكان لا يسبق بأمر عام حتى يكون هو الذي يجري يسره على يديه.(3)
و لله در القائل : 

يا سائلي عن خيار العباد * صادفت ذا العلم والخبرة
خيار العباد جميعا قريش * وخير قريش ذوو الهجرة
وخير ذوي الهجرة السابقون * ثمانية وحدهم نصره
علي وعثمان ثم الزبير * وطلحة واثنان من بني زهرة
قبران قد جاورا أحمدا * وجاور قبراهما قبره
 فمن كان من بعدهم فاخرا * فلا يذكرن بعدهم فخره
هذا و صلى الله و سلم على سيد الثقلين محمد و على اله و صحبه و سلم .
-----------------------------------------------
(1) صحيح مسلم 
(2) المنمق في اخبار قريش لابن حبيب
(3) تاريخ الشام لابن عساكر باب حرف الصاد.

الاثنين، 17 سبتمبر 2018

تاريخ مصر... حمل : مخطوط الدرة المصانة في وقائع الكنانة بداية من 1099هـ

 مخطوط الدرة المصانة في وقائع الكنانة  بداية من 1099هـ



للباحثين و المهتمين بتاريخ مصر ايام الدولة العثمانية نهاية القرن 11 هـ و حتى القرن 12 هـ مخطوط : الدرة المصانة في قائع الكنانة بداية من 1099هـ .
أول المخطوط :( بعد التسمية و الحمد و الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ... إما بعد فقد سألني بعض الاخوان عن وقايع مصر القاهرة بين اعيان مصر سناجق و أغاوات ة اختبارية السبع أجاقات شي نظرته و شي سمعته و شي سألت عنه من أربابه .......

الجمعة، 14 سبتمبر 2018

نساء الصعيد في كتابات الرحالة المسلمون

نساء الصعيد في كتابات الرحالة المسلمون 

تعد كتابات و ملاحظات الرحالة المسلمين مصدرا هاما للباحثين في التعرف على اوضاع المدن و البلاد التي زارها هؤلاء الرحالة حيث منها نتعرف على ملامح ذلك الوقت و كيفية الحياة التي كان يعيشها الناس في ذلك الوقت و الاوضاع السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و العسكرية لتلك المجتمعات و صاحب رحلتنا هذه المرة اديب و شاعر و جغرافي و كاتب و رحالة اندلسي مر بصعيد مصر اثناء رحلته الى الحج عبر صحراء عيذاب حيث ظل الحجاج المصريين و المغاربة يستخدمون ميناء عيذاب لمدة 200 سنة حتى عهد الظاهر بيبرس الذي اعاد طريق الحج عبر صحراء سيناء ، صاحب رحلتنا هو الرحالة ابن جبير الاندلسي  .
ابن جبير الاندلسي
أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني من بني ضمرة من قبيلة كنانة المضرية العدنانية المعروف باسم ابن جبير الأندلسي ولد في بلنسية سنة 540 هـ 1145 م و هو جغرافي، رحالة، كاتب وشاعر أندلسي عربي.
وكان ابن جبير من أسرة عريقة سكنت الأندلس عام 123 هـ, أتم حفظ القرآن الكريم, ودرس علوم الدين وشغف بها وبرزت ميوله أيضا في علم الحساب والعلوم اللغوية والأدبية واظهر مواهب شعرية ونثرية رشحته للعمل كاتبا. تعلم على يد أبيه وغيره من العلماء في عصره ثم استخدمه أمير غرناطة أبو سعيد بن عبد المؤمن ملك الموحدين في وظيفة كاتم السر فاستوطن غرناطة.
وكان الأمير أبا سعيد استدعاه يوما ليكتب عنه كتابا وهو يشرب الخمر، فأرغم ابن 
جبير على شرب سبعة كئوس من الخمر وأعطاه سبيعة أقداح دنانير، لذلك صمم ابن
 جبير على القيام برحلة الحج بتلك الدنانير تكفيرا عن خطيئته وأقام في سفره سنتين 
ودون مشاهداته وملاحظاته في يوميات عرفت برحلة ابن جبير، وسميت
 باسم "تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفاروالذي كتبه حوالي سنة 582 هـ/ 1186 م وتداوله الشرق والغرب حتى قام المؤرخ والمترجم الانجليزي ويليام رايت بنشره وطبعه في كتاب جمع عدد كبير من الرحلات لرحالة وحجاج عرب وأجانب مسلمين ومسيحيين ويهود عرف باسم " Early travelers in Palestine 
 وصف ابن جبير للمرأة الصعيدية  
  ومنها مدينة قنا وهي من مدن الصعيد بيضاء انيقة المنظر ذات مبان حفيلة ومن مآثرها المأثورة صون نساء أهلها والتزامهن البيوت فلا تظهر في زقاق من ازقتها أمراة البتة صحت بذلك الأخبار عنهن وكذلك نساء دشنة


سلسلة : نقد و نقض منطق أرسطو على أيدي علماء المسلمين ... الحلقة الاولى

                                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    نقد و نقض منطق أرسطو على أيدي علماء المسلمين

             هل أدّت انتقاداتُ العلماء المسلمين للمنطق الأرسطي إلى تطوره ؟ 




-مقدمة:

يزعم الفيلسوف الألماني إمانوئيل كانت أن المنطق ولد تاما وكاملا مع شيخ الفلاسفة أرسطو, وأنه لم تطرأ عليه أية تغيرات ذات قيمة بعد أرسطو إلى عهد كانط المتوفي (سنة 1904).إن أرسطو نفسه لم يدعي انه اوجد شيئا كان منعدما و يدعي له الكمال بل إن أرسطو نفى ما يدعيه كانت كما ينقل ابن سينا ذلك في كتابه منطق الشفاء قول أرسطو (إننا ما ورثنا عمن تقدمنا في الأقيسة إلا ضوابط غير مفصلة و أما تفصيلها و إفراد كل قياس بشروطه و تمييز المنتج عن العقيم الى غير ذلك من الأحكام فهو أمر كددنا فيه أنفسنا و أسهرنا أعيننا حتى استقام على هذا الأمر فان وقع لأحد ممن يأتي بعدنا فيه زيادة أو إصلاح فليصلحه أو خلل فليسده).



المنطق وجهود علماء الإسلام:

يعرف الجرجاني علم المنطق في "التعريفات " على انه : هو آلةٌ قانونيةٌ تعصم مُراعاتُها الذهنَ مِن الخطأ في الفكر؛ فهو علمٌ عمليٌّ آليٌّ موجودٌ في العقل بالغريزة، وموضوعُه: المعلوماتُ التصوُّرية والتصديقية" وغايتُه: الإصابةُ في الفكرِ وحِفْظُ الرأيِ عن الخطأ في النظر؛ وذلك بتَقابُلِ الفكرِ مع نَفْسه وتجريدِه مِن التناقض؛ لذلك سُمِّيَ منطقُ "أرسطو" ﺑ "المنطق الصوريِّ" لعنايته بصورةِ الفكر دون مادَّته ومعناه، كما سُمِّيَ "أرسطو"ﺑ "المعلِّم الأوَّل"، حيث قام ـ في زَعْمِهم ـ بصياغةِ هذه الصناعةِ الآلية: فقعَّد له، وحدَّد مُصْطَلَحاتِه، وهذَّب مَباحِثَه، ورتَّب مَسائلَه وفصولَه، وجَعَلَه أوَّلَ العلومِ الحِكَمية وفاتحتَها؛ فنُسِب إليه المنطقُ نسبةَ صياغةٍ وإظهارٍ لا ابتداءٍ واختراعٍ .فالفارابي في كتابه "الأوسط الكبير "سمى علم المنطق بـ (عيار العقل) و عبر عنه ابن سينا في "منطق المشرقيين" (بالعلم الآلي) و سماه الغزالي بـ"معيار العلم" و سماه السهروردي باسم "القسطاس-الميزان- الإدراكي" و سماه آخرون "فن التفكير و علم قوانين الاستدلال" و غير ذلك.و هذا العلم أسسه أرسطو كما هو معلوم و ورد إلى العالم الإسلامي حيث قام بعضهم في الشرح و التفسير و آخرون بالتعبير و التكميل و بعضهم بالرد و التخريب و أما هذا البعض الذي يظن أن علماء المسلمين خضعوا للمنطق اليوناني خضوعا مطلقا ظنا منهم أن المنطق اليوناني قد وصل الى قمة الكمال فهذا يدل على الجهل التام أمثال ت.ج.دي بور حيث يقول في كتابه "تاريخ الفلسفة في الإسلام"-ترجمة عباس شوقي ص31- "ان المفكرين المسلمين الأوائل كانوا يؤمنون بسمو العلم اليوناني بحيث لم يكن لديهم اي شك بان ذلك العلم وصل الى قمة العلوم و اعلى درجات اليقين" .و نرد عليه بان مناظرة (ابو سعيد السيرافي) النحوي مع (يونس ابن متى القنائي) و التي ذكرها ابو حيان في" الإمتاع و المؤانسة "اكبر شاهد على ذلك عدم التسليم المطلق للمنطق .يعتبر ابن سينا من اكبر شارحي منطق أرسطو و حكمة المشائين يقول حسبما ذكر صدر الدين الشيرازي في الأسفار الأربعة ج1 ص364 (من تعود ان يصدق من غير دليل فقد انسلخ من الفطرة الإسلامية)


و في كتابه "الحكمة المشرقية" هاجم في مقدمة الكتاب أتباع أرسطو و المدافعين عن الفلسفة المشائية بعد أن كان ابن سينا يترسم الفلسفة اليونانية طوال سنوات عدة و هذا السهروردي الذي يعتبر ممثلا لفلسفة الإشراق و الحكمة الأفلاطونية و هو من أصحاب الرأي في المنطق و له مصنفات و مؤلفات يهاجم في كتابه "حكمة الإشراق " التقليد و الجمود على أفكار فئة خاصة و يقول ( فليس العلم وقفا على قوم ليغلق بعدهم باب الملكوت .. وشر القرون ما طوي فيها بساط الاجتهاد و انقطع فيه سير الأفكار و انحسم باب المكاشفات و انسد طريق المشاهدات ) و في كتابه "التلويحات اللوحية و العرشية" (و لا تقلدني و غيري فالمعيار هو البرهان ).
و هذا هو الإمام فخر الدين الرازي من كبار المتكلمين في الإسلام و شرحه على منطق الإشارات دليل على تبحره في فن المنطق وفيه يذم حكماء السلف بشدة فيقول في كتابه " المباحث المشرقية" (إن الذين يجزمون بوجوب موافقة الأولين في كل قليل و كثير و يحرمون مفارقتهم في النقير و القطمير يعلمون أن أولئك المتقدمين كانوا في بعض المواضع لمتقدميهم مخالفين و على كلامهم معترضين و عن مقالتهم معرضين و بذلك مصرحين ، فإذا كان ذلك مردودا على غير مقبول فقد صار المتقدم مقدوحا فيه لمخالفته متقدميه و اعتراضه على كلام معلميه .. وكما عرفت تناقضات مقالات هذه الفرقة فاعرف أيضا فساد طريقة قوم نصبوا أنفسهم للاعتراض على رؤساء العلماء و عظماء الحكماء بكل غث وسمين و باطل و هجين).
وهذا هو الإمام المجتهد شيخ الإسلام بن تيمية و هو من كبار فقهاء أهل السنة و صاحب كتاب "الرد على المنطقيين" و الذي سعى أكثر من غيره في نقد المنطق الأرسطي و نقضه يصرح في مقدمة الكتاب بأنه كان يصدق منطق أرسطو يقول ( فاني كنت دائما اعلم ان المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي و لا ينتفع به البليد و لكن كنت احسب أن قضاياه صادقة ، لما رأيت من صدق كثير منها ثم تبين لي فيما بعد خطأ طائفة من قضاياه).
إن علماء الإسلام كانوا متأثرين بتعاليم الإسلام التي تدعوهم إلى تتبع الحكمة وأيضا أمر الله تعالى لهم بان لا يسيرون وراء التقليد دون دليل أو أن يطيعوا أقوال المشاهير و العظماء بلا بينة حتى لا يقعوا في شباك الضلالة قال تعالى (ربنا إنا اطعنا سادتنا و كبرائنا فأضلونا السبيلا) سورة الأحزاب .
هذا دفع علمائنا الأجلاء إلى عدم التسليم لعلم المنطق بل قاموا بالتصحيح و التكميل أو بالنقد و الرد على قسم من المنطق اليوناني أما المدافعين عن المنطق اليوناني و الذين ادعوا أن الإسكندر الأكبر هو ذو القرنين الذي ورد في القران الكريم في سورة الكهف و أرسطو كان معلما للإسكندر و بالرغم من هذه الشهرة فان علماء المسلمين الناقدين للمنطق نفوا هذه النسبة و كذبوا هذا الادعاء يقول الإمام ابن تيمية (فيتعلمون بالكذب في المنقولات و بالجهل في المعقولات كقولهم : أن أرسطو وزير ذي القرنين المذكور في القران ) ثم يفند هذا الرأي في كتابه الرد على المنطقيين.
.... يتبع ان شاء الله .
-------------------
كتبه / عرفات البكري 

الاثنين، 10 سبتمبر 2018

الأحد، 9 سبتمبر 2018

الخميس، 6 سبتمبر 2018

الروض المعطار فيمن انجبته إسنا من علماء الديار

الروض المعطار فيمن انجبته إسنا من علماء الديار ( الشيخ جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن القرشي الاموي الاسنوي)


إسنا بلدة قديمة و كورة من كور الصعيد ذكرها العديد من الرحالة و المؤرخون العرب و المسلمون زارها الرحالة ابن بطوطة المتوفي سنة 779هـ ة هي من جملة الديار التي مر بها و تكلم عنها في رحلته المسماهتحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"  فقال عنها : (ثم سافرت منها إلى مدينة أسنا  وضبط اسمها بفتح الهمزة وإسكان السين المهمل ونون، مدينة عظيمة متسعة الشوارع، ضخمة المنافع، كثيرة الزوايا والمدارس والجوامع، لها أسواق حسان وبساتين ذات أفنان، قاضيها قاضي القضاة شهاب الدين بن مسكين، أضافني وأكرمني وكتب إلى نوابه بإكرامي، وبها من الفضلاء الشيخ الصالح نور الدين علي والشيخ الصالح عبد الواحد المكناسي وهو على هذا العهد صاحب زاوية بقوص.)

و قد انجبت إسنا كثيرا من العلماء النجباء فقد كانت مدينة للعلم بها مدارس للحديث و كانت قاعدة لنشر المذهب السني ايام الدولة المملوكية .
و من هؤلاء العلماء النجباء و الفقهاء الفضلاء شيخنا العلامة شيخ الاسلام جمال الدين عبد الرحيم 
بن الحسن بن علي  القرشي الاموي الاسنائي الشافعي من علماء الشافعية .

يرجع نسبه الى بني أمية من ذرية الحكم بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن ابي العاص بن امية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي .
ولد بأسنا
 سنة 704 هـ قدم الى مصر سنة 721هـ و سمي على اسم عمه الذي توفي قبل مولده بيسير و كان اسم عمه جمال الدين عبد الرحيم بن علي .
نشأ بإسنا و تعلم بها القرآن و توفي ابوه سنة 718هـ قدم الى القاهرة سنة 721 هـ و نزل بدار الحديث الكاملية بالقاهرة .

المدرسة الكاملية :
المدرسة الكاملية أنشأها الملك الكامل محمد بن العادل الأيوبي لدراسة الحديث وكان ذلك في عام 622هـ- 1225م. و تقع بقايا المدرسة الكاملية في القاهرة على الجانب الغربي لسوق النحاسين وإلى الناحية الشمالية لمدرسة وضريح برقوق، ولم يبق منها سوى بقايا الإيوان الغربي.







الايوان الغربي المتبقي من المدرسة الكاملية

شيوخه: 
- تفقه الشيخ جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الاسنائي على جملة من أهل العلم  فمن  شيوخه  : الشيخ قطب الدين محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر السنباطي
الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن سليمان الوجري
الشيخ علاء الدين علي بن اسماعيل بن يوسف القونوي
الشيخ مجد الدين بن ابي بكر بن اسماعيل بن عبد العزيز السنكلومي
الشيخ تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي السبكي
الشيخ بدر الدين محمد بن اسعد التستري
النحو عن الشيخ ابي الحسن علي بن احمد بن محمد الانصاري و الشيخ أثير الدين بن ابي حيان محمد بن يوسف بن علي الاندلسي .
وصفه الشيخ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي في ترجمة له فيقول :
( .. و قد برع في الفقه و أصوله و جمل النحو و فصوله  حتى صار في الفقه اوحد زمانه و  في الاصول فارس ميدانه و في اللنحو ترجمان لسانه  سلك من طريق العلوم افسح المسالك و ادرك من تحقيق الفهوم انقح المدارك جرد الهمة لما درس من معاهد التدريس طار اسمه في الاقطار فعلا و سار علمه في الامصار فحلا و صار حلمه في الاعصار مثلا فان ذكر النسب فهو في درجة عليائة و اذكر الادرب فهو حامل لوائه و ذكر التصون و العفاف فهو دوجريجه و ان ذكر الفقه و النظر فهو ابن سريجه و ان ذكر الاصول فهو اصيله و اثيبه و ان ذكر النحو و العروض فهو خليله و ان ذكر التاريخ فهو انسان عيونه و ان ذكر الحديث فهو لسان متونه واذا ذكر التوحد في تأويل التنزيل فهو سعيد بن جبير و ان ذكر التفرد فهو ابو السليل ضريب ابن نقير و ان ذكر التفوه بالحكم فما قس بن ساعدة و ان ذكر التوجه في الظلم فما ريحانة العابدة و ان ذكر بذل الفضل فهو عديه و حاتمه و ان ذكر قول العدل فهو وليه و حاكمه و ان ذكرت السباق فهو صهيبها و بلالها و ان ذكرت مكارم الاخلاق فهو صهيبها و بلالها وكان بحرا لا تكدره الدلاء و حبرا لا يضجره الاملاء و تبرا لا يغيره الابتلاء ان جلس مع اهل الدنيا فهو سيدهم و ان حضر مع اصاغر طلبته فهو احدهم لا يستأثر عليهم بمأكل ولا بمشرب و ليس له عن طالبيه مفر و لا مهرب لا يطوي عن احدهم شرا و لا يلوي عنقه عن السائل كبرا و لا يأوي الى حب التعاظم فخرا ولا ينوي لاحد من أهل الدين غدرا
 سما عن سمات الغدر فهو نزيه .. فليس له في فيما رأيت شبيه
فما ناطق في الكون الا بعلمه .. واحسانه في الخافقين يفوه .)
تصدى للافتاء سنة 727هـ حتى وفاته.
بعض من تخرج على يديه من العلماء:
- تخرج عليه كثير من الائمة الفضلاء منهم  :
الشيخ ابي الحسن علي بن أحمد الانصاري و الشيخ شهاب الدين أحمد بن أحمد بن ابراهيم ابن القماح و اولاد شيخه الشيخ علاء الدين القونوي الثلاثة الشيخ محب الدين محمود و الشيخ بدر الدين الحسن و الشيخ صدر الدين عبد الكريم و ايضا ممن تخرج على يديه من جملة المشايخ الشيخ جمال الدين بن محمد بن عبد الرحيم بن الاسيوطي و ممن سمع عليه الحديث جماعة من الائمة منهم الشيخ شمس الدين ابو العباس أحمد بن محمد بن سند اللخمي و الشيخ جمال الدين ابو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغدادي و أخرون .
من مصنفاته و مؤلفاته :
كتاب المهمات ثمان مجلدات في الكلام على مواضع في شرح الرافعي الكبير 
الهداية في أوهام الكفاية و شرح البيضاوي في مجلد و منها التصحيح و التنقيح يتعلقان بالسنة و من مؤلفاته زوايد المحصول و الاحكام و اصول بن الحاجب على منهاج البيضاوي و منها كتاب التمهيد فيما ينبني من المسائل الفقهية على القواعد الاصولية و منها كتاب الالغاز و منها كتاب احكام الخنائي و منها كتاب شرح عروض بن الحاجب و منها كتاب الجمع و الفرق و من التآليف التي لم يكملها و مات عنها شرح المنهاج للنووي و شرح التنبيه و مختصر الشرح الصغير للرافعي و كتاب البحر المحيط و شرح لالفية بن مالك و غيرها .
المهام التي وكلت اليه :
تصدر للتدريس في المدرسة الاقبغاوية و بالمدرسة الفارسية و درس  التفسير بجامع ابن طولون و ولي تدريس المدرسة الفاضلية و لم يتناول من معلوم التدريس شيئا مدة ولايته و هي 8 سنين بل عمر اوقافها حتى صارت اجرتها ضعفي ما كانت عليه .
و ولي الحسبة بالقاهرة كالمكره على ذلك و عين وكيلا لبيت المال ثم استعفي من وكالته .
وفاته رحمه الله : 
توفي سنة 772 هـ و قد رثاه جماعة من الائمة رحمه الله و ممن رثاه الشيخ الامام العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصايغ قال :
أتيت يا دهر بخطب عظيم ,, و جئت بالامر الممر الجسيم 
الجاهل الناقص ابقيته .. و رحت بالفاضل عبد الرحيم .
رحم الله الامام شيخ الاسلام جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن بن علي الاموي القرشي الاسنوي و عن جميع مشايخ الاسلام أجمعين.
-----------------------------------
ترجمة الشيخ جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن الاسنائي- مخطوط
رحلة ابن بطوطة 
تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار