القول الجلي في إتصال شرف بنو تيم و بنو عدي
بسم الله و الصلاة و السلام على خير خلق الله سيدنا محمد و على اله الطيبين الطاهرين و على اصحابه الغر الميامين و نخص بالذكر منهم سادتنا ابو بكر و عمر و عثمان و علي و على من سار على نهجهم و اقتفى اثرهم الى يوم الدين .
أما بعد ،،،،
فان الله قد اصطفى قريشا من كنانة و اصطفى بني هاشم من قريش و اصطفى محمدا صلى الله عليه و اله و سلم من بني هاشم ، فقد روى الامام مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى عَمَّارٍ شَدَّادٍ أَنَّهُ سَمِعَ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشاً مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِى هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ)(1) .
فذؤابة قريش بنو هاشم و ذؤابة العرب قريشا قبيلة رسول الله صلى الله عليه و سلم و كفى قريشا شرفا ان جعل منها سيد ولد ادم محمدا صلى الله عليه و اله و سلم .
هذا و قد انقسمت قريش الى قسمين قريش البطاح و قريش الظواهر، ففي( المنمق في اخبار قريش) لابن حبيب ".. و أدخل قصي بن كلاب بطون قريش كلها الأبطح إلا محارب بن فهر والحارث بن فهر وتيم الأدرم بن غالب ومعيص بن عامر بن لؤي وهؤلاء يدعون الظواهر، فأقاموا بظهر مكة، إلا أن رهطا من بني الحارث بن فهر نزلوا الأبطح وهم رهط أبي عبيدة بن الجراح فهم معهم"(2) فهؤلاء قريش الظواهر أي الذين سكنوا أعالي مكة و لم يدخلهم قصي بن كلاب بطاح مكة .
فبنو تيم قوم صاحب رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم: أبو بكر الصديق و بنو عدى قوم الفاروق عمر رضي الله عن الجميع من بطون قريش البطاح التي سكنت أبطح مكة و التي حازت الشرف قبل الاسلام و اتصل بها هذا الشرف بعد الاسلام ، فقد روى بن عساكر في( تاريخ دمشق ) عن معروف بن خربوذ قال : من انتهى إليه الشرف من قريش فوصله الإسلام عشرة نفر , من عشرة أبطن : من هاشم , وأمية , ونوفل , وأسد , وعبد الدار , وتيم , ومخزوم , وعدي , وسهم , وجمح.
فمن هاشم : العباس بن عبد المطلب , كان قد سقى في الجاهلية الحجيج , وبقي له في الإسلام , ومن بني أمية : أبو سفيان بن حرب , ومن بني نوفل , الحارث بن عامر , قال الزبير : غلط في الحارث بن عامر , ومن بني عبد الدار , عثمان بن أبي طلحة , ومن بني تيم : أبو بكر الصديق , ومن بني أسد : يزيد بن زمعة , ومن بني مخزوم : خالد بن الوليد بن المغيرة , ومن بني عدي : عمر بن الخطاب , ومن بني سهم : الحارث بن قيس , ومن بني جمح : صفوان بن أمية.
قال ابن خربوذ : صارت مكارم قريش في الجاهلية إلى هؤلاء العشرة , فأدركهم الإسلام فوصل ذلك بهم , فكذلك كل من عرف في الجاهلية أدركه الإسلام فوصله , فكانت سقاية الحاج , وعمارة المسجد الحرام , وحلول الثعر , فإن قريشا لم تكن تملك عليها في الجاهلية أحدا , فإذا كانت حرب أقرعوا بين أهل الرياسة من الذكور , فإذا حضرت الحرب أجلسوه لا يبالون صغيرا كان أم كبيرا أجلسوه تيمنا به , فلما كان يوم الفجار أقرعوا بين بني هاشم , فخرج سهم العباس وهو غلام , فإذا جاء أبو طالب هزمت قيس , وإذا لم يجيء هزمت كنانة , فقالوا : لا أبا لك لا تغب.
وأما عمارة المسجد فإنها والسقاية كانت للعباس بن عبد المطلب , فأما السقاية فإنها معروفة , وأما العمارة فإنهم لا يدع أحدا يستب في المسجد الحرام , ولا يقول فيه هجرا يحملهم على عمارته بالخير , لا يستطيعون لذلك امتناعا , لأنه قد أجمع ملأ قريش على ذلك فهم له أعوان , وكانت العقاب عند أبي سفيان راية الرئيس , وكانت العقاب إذا كانت عند رجل أخرجها إذا حمشت الحرب , قال : أجمعت قريش علي أعطوه إياه , وإن لم يجمعوا على أحد رأسوا صاحبها.
وكانت الرفادة إلى الحارث بن عامر بن نوفل , والرفادة ما كنت تخرج قريش من أموالها في رفد منقطع الحاج , وكانت المشورة إلى يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد , وقتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف , والمشورة أن قريشا لم يجمعوا على أمر إلا عرضوه عليه , فإن وافق رأيهم رأيه سكت وإلا شغب فيه , فكانوا له إخوانا حتى يرجعوا عنه , وكانت سدانة البيت , واللواء إلى عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى , والسدانة الخزانة مع الحجابة , وكانت الأشناق إلى أبي بكر الصديق , والأشناق الديات , كان إذا حمل شيئا فسأل فيه قريشا صدقوه , وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه أبو بكر , فإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.
وكانت القبة والأعنة إلى خالد بن الوليد , فأما الأعنة فإنه كان يكون على خيول قريش في الجاهلية في الحروب , وأما القبة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهزون به الجيوش.
وكانت السفارة إلى عمر بن الخطاب , إن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيرا , وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر بعثوه منافرا ومفاخرا ورضوا به , وكانت الحكومة والأموال المحجرة إلى الحارث بن قيس بن عدي , والأموال التي يغنموا لآلهتهم , وكانت الأيسار إلى صفوان بن أمية , والأيسار الأزلام , وكان لا يسبق بأمر عام حتى يكون هو الذي يجري يسره على يديه.(3)
و لله در القائل :
يا سائلي عن خيار العباد * صادفت ذا العلم والخبرة
خيار العباد جميعا قريش * وخير قريش ذوو الهجرة
وخير ذوي الهجرة السابقون * ثمانية وحدهم نصره
علي وعثمان ثم الزبير * وطلحة واثنان من بني زهرة
قبران قد جاورا أحمدا * وجاور قبراهما قبره
فمن كان من بعدهم فاخرا * فلا يذكرن بعدهم فخره
هذا و صلى الله و سلم على سيد الثقلين محمد و على اله و صحبه و سلم .
-----------------------------------------------(1) صحيح مسلم
(2) المنمق في اخبار قريش لابن حبيب
(3) تاريخ الشام لابن عساكر باب حرف الصاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق